28‏/01‏/2011

أزدياد الطلب على مهد الاطفال الخشبي (الكاروك) رغم وجود المستورد منها



من منا لم يناغي ازيزة اذنية وتأرجح يمينا وشمالا ليداعب نسيم الصبا وبين احضانة استلقى   الذكر والانثى ، ذكريات في عصر الطفولة وفي عهد الأمهات ، ذلك الصوت الحنون الهادئ الذي يسرى بهدوء لقاعدة البيانات الرئيسية في مركز التنويم مخ الأنسان فيدغدغ مركبات عناصره المتحركة فهتز أسلاكها بحركة السكون عبر أرجاء الجسم فيتنفض في خلايا جسدك خدر عام غير طبيعي تستلم له الروح بلذة وترمي نفسك في أحضانه وأنت في غاية الأطمئنان والراحة في أحشاء ذلك الحضن القطني الدافئ في حوض   
ذلك الكاروك الذي يئن من اَفة التوارث بأصوات أخشابه المتمردة ، وصفير مساميره الصدأة !!

تتساقط حبات العرق الفضية، من جبينه الاسمر وجهه الهرم ،بينما تنشغل أنامله بربط قطع الخشب بمسامير يضربها بحرفة اكتسبها على مر السنين، لتنساب قطعة الخشب المشغولة بدقة من بين يديه كما يريد لها أن تكون.
تحدث عثمان صالح شيخو 62سنه صاحب معمل لصناعة الكواريك في اربيل" انا اعمل في صنعة الكاروك منذ الصغر وهي بكل بساطة تعتمد على الخشب والمسامير التي تستخدم في تثبيت قطع الخشب من اجل عمل الكاروك ، نقوم بتجهيز الخشب الذي نريد ان نستعمله في تجهيز وتثبيت الكاروك نقوم بتقطيع الأخشاب بواسطة آلة (الكوسرة) وهي عبارة عن قطعة حديدية مربوطة بجهاز كهربائي يدار لتقطيع الخشب حسب الأحجام التي نريدها في عملنا."                                                      

وبعدها يقوم عثمان بتهيئة القطع ويقوم بتثبيت الأجزاء الأساسية له وهي الارجل التي يرتكز عليها والتي تأخذ شكل نصف دائرة من اجل تسهيل عملية هز الطفل وسهولة انسيابية الكاروك الذي يستعمل للطفل  " وأن  "نوعية الخشب تلعب دورا كبيرا في عملية صناعة  الكاروك .نحن نجلب الخشب في بعض الأحيان من مدينة الموصل وبعض المناطق الأخرى وفي اغلب المرات نشتريه من سوق والمعامل ."


وصانع الكاروك مقتنع بأقبال كثير من أهالي أربيل مقارنةُ مع الأعوام السابقة حيث كان الأقبال قليل وكنا نصنع في وقتها كاروك او كاروكين في اليوم وذلك بسبب قلة الناس في ذلك الحين والان افتتحت ابواب على اربيل من مختلف المحافظات من بغداد وكركوك ومن شقلاوة والموصل أيضا ،بينما الاَن نصنع 10 كواريك في اليوم."
أن هناك من يشترونه كشيء اثري وجزء من ثقافة وصناعة أربيل الشعبية التي اشتهرت بها بين محافظات القطر
 وتنوعت انواع من الكواريك في بداية كانت صناعة الكاروك من عسيف النخيل أو جريد النخيل وضهر الكاورك الخشبي والحديديي والألمنيوم وان اربيل اشتهرت بصناعة الكاروك الخشبي ،كذلك الموصل تقوم بصناعة الكريكوت الألمنيوم الذي يختلف عن الكاروك حيث انه يهتز كألرجوحة .


ويختلف سعر الكاروك حسب الحجم حيث يقول عثمان " يكلف صناعة  الكاروك بين 12 – 15 الف دينار حسب نوع الخشب ، بينما نقوم ببيعهُ مابين25- 40 الف دينار ،حسب حجم والنوعية  الكاروك."
كان احمد دلشاد 27 عام احد المشترين كان حديثه عن الكاروك متلهف لشراء ورغبته له " أنا وأخوتي وعشنا وتربينا في هذا الكاروك . وان الكاروك الخشبي افضل لعملية ربط الطفل وشده والحفاظ عليه ، يكون دافئ للطفل ويشعر براحة وأطمئنانية على العكس من الكواريك الألمنيوم المستوردة . هو تراث حضاري كانت الأمهات تنوم  اطفالهن وضعهم في الكاروك (المهد)."
كانت الأمهات العراقيات يرددن ترنيمات غنائية لاطفالهن لإسكاتهم او لجلب النوم الى عيونهم لدى وضعهم في الكاروك (المهد) وتقول إحدى هذه الترنيمات (دلل لول يل الولد دل لول .. يا ابني دلل لول عدوك عليل او ساكن الجول"الصحراء").وهذه الترنيمة ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمهد الكاروك  والطفل.


تلك الفترة التي تبدأ من ساعة ميلاد الطفل لا يستطيع النوم دون مهدئات من تلك النغمات الصادرة من حنجرة أمهه مشبعة بلحن الدعاء اوتبدأ بدعاء وتنتهي بدعاء وفيها اللحن والأيقاع وتتطلب انخفاض الصوت أو أرتفاع حدته ولا ننسى الخرخاشة او مايسمونها (السكاتة) والألعاب المعلقة على الكاروك .
ان بعض من الصناعات اندثرت وصارت منسية وان المتبقي منها يجب الحفاظ عليه من اجل جعلها سمة تأخذ بين الحديث والماضي.وأن الصناعات الحرفية في مدينة أربيل تجمع الكثير من سمات وطبائع الأقوام المتنوعة التي تعيش فيها ، وهذا هو ما يميز المدينة ويجعلها تبرز عن قريناتها من محافظات .


وهل ياترى أن التطور والتقدم التكنلوجي والعولمة سيؤثر على مصير الكاروك ؟؟ وهل يخبئ لنا المستقبل تقنية تجعل أطفالنا يستطيعون الأستغناء عن الكاروك ..!! وهذا ماسنعرفه في المستقبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق